عبدالله ابو ناعسة
لم تكن الصدفة او الرغبة لاحد ما في بناء جمعيتنا أساس وجودها ، بل جاءت تعبيرا عن الحاجة الملحة والخارجة عن الرغبة أو النزوات ، لقد جاءت كنتيجة حتمية للواقع الفلسطيني الذي نعيشه بعد النكبات والنكسات والويلات حيث تنادى وبادر مجموعة من ابناء جنين من أهل الخير والصلاح في عام 1973 إلى اجتماع تمخض عنه تأسيس جمعية بيت المسنين الخيرية، لتقديم خدمات ايوائية للمسنين ، مقدرين الحاجات القائمة والمترتبة على نتائج نكبة 1948 ، والنكسة عام 1967 والتي أفرزت وجود مسنين ومسنات ومعاقين يعيشون بظروف صعبة وغير انسانية نظرا لوفاة الابناء او هجرتهم طلبا للرزق وبالاضافة الى عدم توفر التعليم الشرعي في المحافظة.
بعد النكبة، وحيث فقدنا كل شيء، لم يكن أمام شعبنا سوى خيار واحد: النهوض من جديد من خلال العلم والمعرفة وبناءه من جديد حجر فوق حجر. خلال السنين التي تلت النكبة، والتي أفرزت عن وجود مسنين ومسنات يعيشون في ظروف صحية صعبة ، ونسبة منهم لا يوجد مُعيل لهم بسبب وفاة أبنائهم إبان النكبة. رأينا ضرورة انشاء بيت لإيواء المسنين والمسنات لاحتضانهم وتقديم الرعاية الصحية والنفسية لهم.
إيماناً وانطلاقاً بمقولة ” من ليس له كبير لا يحسن التدبير ” ، حيث آمنا منذ البداية، أن المسن الفلسطيني هو ذاكرتنا الاساسية وهو من يحمل تاريخ الوطن و كرامة شعبنا وتاريخه وأرضه ، وهو الذي يتحدى التكنولوجيا بذاكرته وصموده ، هويتنا وثقافتنا تعني وجودهم على هذه الارض.
هم انطلاقتنا الاولى على الحياة هم من علمونا كيف نمشي خطوة تلو الاخرى ، نمشي نحن فيكبرون هُّم ، تتعثر خطاهم فنرافقهم نحن طوال مسيرتهم الحياتية نمسك بيدهم ونقول لهم : نحن معكم ، نهتم بصحتكم ، ونريد وجودكم.
وآمنا، أيضاً، أن فلسطين وبالتحديد محافظة جنين جزء لا يتجزأ من الامتداد الفكري والاجتماعي الثري والعريق الذي نطلق عليه اسم الثقافة العربية المجتمعية ؛ لكن ما تمر به جنين مختلف عن باقي المدن ، حيث لا يوجد مكان
كما آمنا انا وصديقي أسامة السيلاوي ، مدير الجمعية ومجلس إدارتها ، أن الاستثمار بأجدادنا في فلسطين والعالم العربي هو خير ما يمكننا أن نورثه للجيل القادم بضرورة العطف والعطاء لهم.
نفتخر أننا عبر السنين وبعد أن سمحت لنا ظروفنا المالية قليلاً، حاولنا قدر الإمكان تقديم الدعم المعنوي النفسي والصحي للمسنين الفلسطينيين ذكوراً وإناثاً، وصولا لبناء استراتيجيات جديدة تتمثل في بناء مبنى جديد لهم ، لايوائهم واحتوائهم ضمن بيئة متطورة لهم توفر كل شيء.
وقد تزايدت مع الزمن التزاماتنا، وتبين لنا ضرورة إنشاء مؤسسة مستقلة تتميز بمستوى عالٍ من المهنية، وبمنهجية واضحة تقوم بتطوير عدد من المشاريع السباقة، والقادرة على الاستمرارية. وفضلاً عن ذلك أن يكون لهذه المؤسسة حضور فعلي وحيوي على أرض فلسطين. وهكذا بدأت جمعية بيت المسنين عملها عام 1973.